Saturday, May 14, 2011

حزمة أسئلة مزعجة

<div style="direction:rtl;text-align:right">حزمة أسئلة مزعجة</div>: "
صحيفة السبيل الاردنيه الاحد12 جمادي الاخره 1432 – 15 مايو 2011
حزمة أسئلة مزعجة – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/05/blog-post_15.html

هذه رسالة مهمة حول الموقف الاقتصادي الراهن في مصر تحذر من خطورة الاستدانة من صندوق النقد الدولي، الذي أعلن يوم الخميس الماضي أن مصر طلبت اقتراض ما بين 10 و12 مليار دولار منه. وصاحب هذه الرسالة هو الدكتور محمود الخفيف، الخبير الاقتصادي بالأمم المتحدة، وقد كتبها تعبيرا عن رأيه الشخصي الذي لا علاقة له بالمؤسسة التي يعمل بها.

خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، تراجعت احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي من 36 إلى 28 مليار دولار، الأمر الذي يعنى أنه خرج من مصر خلال تلك الفترة ما يزيد على 8 مليارات دولار، تمثل 22٪ من احتياطي البنك المركزي في شهر ديسمبر الماضي.
وتشير التقارير إلى أن السحب الأكبر من الاحتياطى تم بعد انتصار ثورة 25 يناير، وأن أعلى نسبة كانت في شهر مارس الذي تم فيه سحب أكثر من 3.4 مليار دولار في شهر مارس.

والمرجح أن يكون كل ذلك الانكماش له صلته بتهريب الأموال الفاسدة، التي سطت عليها رموز النظام السابق. والغريب في الأمر أنه في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وحتى اللحظة الراهنة، لم يعلن البنك المركزي أو وزارة المالية عن مسببات ذلك التراجع، ولم تتخذ أي إجراءات استثنائية للسيطرة على حركة رءوس الأموال، كما فعلت ماليزيا في عام 2008، علما بأن تسريب أموال شعب مصر وعدم اتخاذ أي خطوات لكبحه أمر خطير لا يقل خطورة عن الفساد ذاته.
الأمر الذي لا يقل خطورة عن ذلك هو اللجوء إلى الاستدانة من الصندوق والبنك الدوليين بمبلغ مهول يمثل ما بين 5 و6٪ من حجم الاقتصاد المصري. الأمر الذي يرفع مديونية مصر بمقدار الثلث تقريبا، ويعنى في ذات الوقت أن الحكومة الانتقالية الحالية ستسلم الخزانة خاوية إلى الحكومة التي ستأتى بعدها.

يعني ذلك أيضا أننا نستهلك مما سننتجه في المستقبل، مما يقلل من قدرتنا المستقبلية على الاستثمار، أما إذا واجهنا صعوبة في السداد تحت أي ظرف فإننا قد نواجه بشروط وقيود ربما تهدد أهداف الثورة الساعية إلى زيادة الإنتاج وتوفير العدل الاجتماعي.
إن اللجوء إلى هذه الخطوة يثير أسئلة عديدة منها مثلا:

هل سنعود إلى «إصلاحات» الصندوق والبنك من جديد رغم أننا نعلم أن الجهتين تتبعان أجندة الدول الغربية التي تمتلك الجزء الأعظم من أموال المؤسستين. وهي ذات الدول التي تستقر فيها وتستفيد من الجزء الأعظم من أموال الفساد في العالم الثالث.

ثم هل نحن بحاجة حقيقية إلى تلك القروض؟

وهل درسنا كل سبل سد العجز والتي يجب أن يكون منها مشاركة الشعب والتقشف والحد من أنواع الإنفاق الباذخ؟

وهل من حق حكومة ستذهب بعد أشهر معدودة أن تقترض وتزيد من ديون مصر دون الرجوع إلى الشعب.

ولأن مثل هذه القروض يجب (قانونا) أن يصدق عليها مجلس الشعب، ولأن المجلس محلول الآن، فمن إذن له الحق على التصويت على قروض بهذا الحجم والثقل؟
هل هو مجلس الوزراء، هل هو وزير المالية، هل هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟
هناك أسئلة أخرى من قبيل:
لماذا تزيد ديوننا بما يتراوح بين 10 و12 مليار دولار؟ ومن صاحب القرار في ذلك؟ وأين ستذهب تلك الأموال؟

وهل هي للاستهلاك وتهدئة الشعب وللوفاء بوعود سياسية واستهلاكية، أطلقها بعض أعضاء الحكومة المؤقتة، وليس لدينا القدرة على احتمالها الآن؟ أم أنها لأغراض الاستثمار في الوطن والصناعة والزراعة والتعليم والصحة؟

وما هي الفترة التي ستستخدم وتستهلك فيها هذه القروض؟ وما هي المدة التي ستسدد خلالها؟ وهل لدينا القدرة على السداد في هذه الفترة؟ وما هي شروط هذه القروض ميسرة كانت أو غير ميسرة؟

وقبل كل شيء.. لماذا الصندوق والبنك، أهما الملجأ الأول والأخير؟

ألا توجد سبل أخرى شعبية وطنية وعربية وإسلامية وأفريقية، كبنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الإفريقي ودول عربية وإسلامية وإفريقية صديقة؟

وألا يوجد حل وطني لسد العجز مثل بعض إجراءات التقشف والسيطرة على حركة رءوس الأموال، كما فعلت كوريا الجنوبية وماليزيا في عام 2008 حتى لا يلجآ للصندوق والبنك، وذلك لمعرفتهما بخطورة اللجوء لمثل هذه المؤسسات، والذي عادة ما يؤدي إلى تقويض قدرتنا على تنمية أنفسنا في المستقبل.
لقد اتبعنا «نصائح» الصندوق والبنك لأكثر من 35 سنة. وكانت النتيجة أننا وقعنا في قبضة نظام ليبرالى متوحش من السياسات والنظم الاقتصادية وبرامج خصخصة لأموال شعب مصر، الأمر الذي أدى بشكل مباشر لكل هذا القدر من الفساد والإفساد وسوء توزيع الدخل وسوء التنمية وسوء تعليم وسوء صحة وسوء الأخلاق.
...................
"